چکیده :
فقد كتب العلاّمة آية الله العظمى الشيخ هادي كاشف الغطاء قدس سره رسالتين:
الرسالة الأولى: ردّ فيها على المسائل التي وجهها موسى جار الله إلى علماء النجف الأشرف.
الرسالة الثانية: في اللعن وفضل العلويين.
وهما في الحقيقة تعبران عن مسألة مهمة وقضية كبرى شغلت العالم الإسلامي منذ قرون طويلة, وما زالت تَبِعاتُها إلى هذا اليوم تنخر في جسد الأمة الإسلامية, وتقوّض من دعائم المجتمع الإسلامي, وقد استفاد منها أعداؤنا كثيراً واتخذوها سلاحاً فتّاكاً للتفرقة بين المسلمين, وكسر شوكتهم, وتشتيت جمعهم؛ لصرف أنظارهم عن الأخطار الخارجية التي تهدد وجودهم وكيانهم وعن الأوضاع المأساوية التي يعيش في كنفها الإنسان العربي المسلم.
إن الخلاف بين السنة والشيعة هي القضية الكبرى التي ألقت بظلالها على واقعنا القديم والمعاصر وما تبعها من صراع مذهبي منذ عصر صدر الإسلام إلى هذا اليوم, وما حَمَل في طيّاته من تبعاتٍ خطيرة, وما تركه من إرث ثقيل بالمشاكل والخصومات بين أبناء الأمة الإسلامية.
لقد تصدّى العلامة الشيخ هادي كاشف الغطاء قدس سره لهذا الأمر بكل حزم وقوة, وبكل ما أوتي من أدب وبيان, وبما عرف عنه من قوة الاستدلال وسطوع البرهان, ومقارعة الخصوم في النقاش والجدال بأسلوب علمي ومنطقي يستند إلى الحقائق والوقائع بعيداً عن الأهواء الشخصية والآراء الذاتية.
وكان همّه الوحيد في ذلك كشف القناع عن الحقيقة, وإزاحة الستار عن الشبهات, كما أنّ الشيخ كان يسعى إلى توحيد صفوف المسلمين ويدعو إلى تناسي أحقادهم ونبذ خلافاتهم ورائهم ظهرياً, لأن هذه الأمور لم تعدْ على المسلمين بأيّ فائدة, ولا طائل من ورائها.
فيقول الشيخ قدس سره : ((فإنّ طرح مثل هذه الموضوعات في ميدان البحث والمناظرة والرد والنقد مما لا فائدة فيه ولا عائدة ولا رقي ولا عرفان منفعة, كمسألة خلق القرآن – مسألة قدمه وحدوثه –, وغيرها من المسائل البائدة التي لا وقع لبعثها, ولا نفع لنشرها, فليس فيها – فضلاً عن إضاعة الوقت, وإتلاف الحبر والورق والاشتغال بما لا يعني – غير مس العواطف وإثارة الإحن والتفرقة بين المسلمين, ومناوأة الحق, والتعصب للباطل, وقيل وقال, ومراء وجدال, وتعصب وتحزب)).
ثم يقول الشيخ هادي كاشف الغطاء قدس سره بكلّ أسف ومرارة: ((إنّ الغربيين يناولون الشهرة والسمعة, ويكون لهم الصوت والصيت بما يبتكرونه من الأعمال وما يخترعونه من الصنائع التي تنفع عموم البشر, وإنّ بعض الجهلة من الشرقيين ممن صبغ نفسه بصبغة الإسلام يعٍمَدُ إلى أمور خرافية منسية بائدة كاسدة فيروّجُها, ويتعصب لها, ويجعلها أساطير تتلى وزبراً على منصة القدر تجلى؛ لينالَ بذلك شُهرة وسمعة بين أهل عصره ليقال من ذا قالها؟ وإنّا لنعجب ممن ينشر مثل هذه الأمور, ولمن يقرؤها ويضعها موضع النظر والنقد)).
إنّ الرسالة الأولى جاءت رداً على المسائل التي وجهها موسى جار الله والتي طلب فيها جواباً من علماء الشيعة في النجف الأشرف وهي مسائل تضمّنت أموراً كثيرة منها: تكفيرُ الصَّحَابة ولعنهم, والقول بتحريف القرآن, وموقفُ الشيعة من حكوماتِ الدّول الإسلامية, وتكفير الفرق الإسلامية, والجهاد والشهادة، وإنكار كتب الشيعة لأحاديث أئمة العامة, وفي تأويل الآيات وتنزيلها, وفي التقية, وفي الأخبار الواردة في كتب الشيعة, وفي مسألة العول, وفي المتعة, وفي الخلاف بين علي عليه السلام والصحابة, وفي ولاية الإمام, وفي النسيء, وفي حج النبي صلى الله عليه وآله وسلم , وفي حفظ الشيعة للقرآن الكريم واختلافهم في المصاحف.
وفي رَدِّهِ على تلكَ المسائل أوضحَ الشيخ قدس سره ما وَقَعَ فيه موسى جار الله من أغلاطٍ وأوهام وزلل لا يخفى على ذي عقل وبصيرة, وإنّ هذا الرَّجُل ما أراد إلّا الإساءَةَ إلى الشّيعةِ وعقائدهم مُنتحِلاً الكذب والادّعاء على الشيعة بما لا تقول فيه ولا تؤمن به.
وقد انبرى الشيخ قدس سره مُنافحاً عن عقيدة أهل البيت وتراث آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم مسقطاً الحجج الواهية والأدلة الفانية التي جاء بها موسى جار الله.
أمّا الرسالة الثانية فقد جاءت جواباً عن سؤال مفاده: ((ما هو الحكم الشرعي في لعن يزيد هل هو جائز مشروع أم لا))؟ وقد أجاب الشيخ قدس سره عن هذا السؤال في مقامين وخاتمة: أما المقام الأول فقد ذكر فيه حجج المانعين من لعنه, وفي المقام الثاني تناول حُجَجَ المجوّزين في لعنه.
أمّا الخاتمة فقد جعلها في فضل العلويين من بني هاشم.
وفي ذكره لجميع الأدلة والبراهين اعتمد على مصادر السنة كي تكون الحجّة أبلغ والدليل أوضح.