جستجوي پيشرفته | کتابخانه مجازی الفبا

من یتدبَّر الآیات القرآنیة التی تتحدّث عن الموت و تذکِّر به، و تُنذر أو تُبشِّر، یَستخلص منها عدَّة أمور و هی کالتَّالی: أوَّلا ً الموت لیس سوی محطة أُولی فی سلسلة من الأسفار الأخرویة المتتابعة. ثانیاً: یشکّل الموت صدمة للطغاة والمستکبرین، حیث یدمّر آمالهم فی استعباد الناس لمآربهم وأغراضهم الشخصیة الدنیئة. ثالثاً: یعتبر الموت بالنسبة للمؤمنین بشارة بنعیم الأبد، بینما هو للکافرین نذیر بعذاب الأبد. رابعاً: الموت لیس نهایة المطاف، بل هو بدایة لحیاة جدیدة أبدیة. خامساً: الموت هو الحافز والباعث وراء الإقبال علی الأعمال الصالحة، والامتناع عن الإتیان بالمحرَّمات والآثام، فمن لم یردعه الموت، لا یمکن لأیّ شی آخر أن یزجره. سادساً: قد یشتدّ النزع بالمؤمن تطهیراً له من الذنوب، و تمحیصاً لیخرج من هذه الدنیا لیس علیه من ذنب یؤاخذ به، وأمّا شدة النزع بالنسبة للکافر فهو تعجیل له بالعذاب منذ حضور الموت. سابعاً: الموت أخو النوم، بل هو نوم ثقیل، والنّوم موت خفیف، والتوفّی للنفس یحصل فی حالتی الموت والنّوم إلاّ أنَّه فی النّوم یکون ناقصاً یتمّم بانقضاء الأجل وانتهاء الأمد. ثامناً: المؤمن یُحبُّ لقاء الله وإنْ کره الموت، لأنَّه حین یحضره الموت یری مکانه فی الجنَّة، وما أعدّ الله من النعیم الذی لا یزول، فیتمنَّی عند ذلک اللقاء، ویکون أحبّ إلیه من الدنیا وما فیها. تاسعاً: لیس هناک مفرّ من الموت، فإنّ الإنسان یلاقی ما یخاف منه أو یفرّ منه، لأنَّ هذا الخوف ناتج عن حذر، والحذر لا یقع عن أمر وهمی بل عن أمر حقیقی یلقاه فی نهایة الأمر. عاشراً: لم یجعل الله الموت عبثاً، بل لحکمة عظیمة وهی الابتلاء، لیعلم من یشکر ویزداد إیمانا، و ینکر من یَکفر و یزداد طغیاناً و یُستدرج إلی الهاویة والنَّار الحامیة. حادی عشر: عُقوق الوالدین من الأمور التی توجب اشتداد سکرات الموت، بینما برُّ الوالدین والصدقة وبعض الأعمال المخصوصة تُخفّف من المعاناة عند النزع، ولکن هذا لیس شرطاً دائماً لما مرَّ من أنَّ الله عزَّ وجلّ جعل ما یعانیه المؤمن عند الاحتضار من آلام وأوجاع تمحیصا له من الذنوب. ثانی عشر: الناس عامَّة یخافون من الموت، ویحصل قلق لدیهم، بل قد یتهیّبون الحدیث عنه ، وهذا أمر طبیعی لأنَّ البشر بطبیعتهم یحبّون الخلود والبقاء، ولکن لا بدَّ من الموت، لأنَّ هذه النشأة الدنیویة لیس لها قابلیة الإستمرار، ولیس لدیها مقوّمات البقاء والدوام. ثالث عشر: الله جلَّ جلاله أعظم قدراً وأجلّ شأناً من أن یقبض الأرواح بنفسه، لهذا فقد وکَّل ملک الموت بهذه المهمّة الکبیرة، وجعل له جنوداً وأعواناً من الملائکة والرّسل وغیرهم.